هل الادمان مرض مزمن ؟. يحتار الكثيرون في تعريف ماهية الادمان هل هو مرض مؤقت أو دائم يلازم الإنسان طيلة مشوار حياته. وهل السير في طريق الهلاك والدمار يختاره الإنسان بمحض إرادته أم أنه مرض يصيب الشخص ويسبب له عدد لا يحصى من الأمراض النفسية والجسدية. و تجعله منبوذًا من المجتمع أو تؤدي به إلى الموت لا محالة. لذلك فإن قرار العلاج هو اختيار يجب عليك أن تتخذه قبل فوات الأوان ليتمكن الأطباء من مساعدتك في التخلي عن عنصر الادمان الذي أصابك. سواء أكان ادمان المخدرات أو ادماني أي شيء مثل التسوق أو الانترنت وما شابه ذلك..
ما هو الادمان؟
قبل أن نجيب على سؤال هل الادمان مرض مزمن؟ يجب أولا أن نعرف ماذا يعني الادمان على المخدرات أو أي شيء لا يستطيع الإنسان الاستغناء عنه ولا يتخيل حياته بدونه. ويمكن اعتباره مرض مزمن لا يستطيع أحد السيطرة عليه إذا كان الأمر يتعلق بادمان المخدرات. ويكون هذا بسبب ما تسببه المادة المخدرة على الدماغ والتي تتطور وتتبلور وتتشكل في صورة تغيرات سلوكية. بالإضافة الي اضطرابات نفسية تصيب متعاطي المخدرات والتي تبدو واضحة على أي شخص يدمن المخدرات.
الادمان يبدأ أولا بالتجربة كأنك تريد أن تثبت لنفسك بأنك قادر على شرب المادة المخدرة أو سوف تخضع للحقن وترى ماذا سيحدث لجسمك. هل فعلا ستشعر بالنشوة والبهجة والسعادة المنشودة وتنسى كافة ما يؤلمك؟. ثم بعد ذلك تتحول التجربة إلى تعود وادمان والبحث عن المادة المخدرة وتدفع فيها أي ثمن مهما كان غالي. فأنت تريد أن تشبع رغبتك الكاذبة وتريد أن تسيطر على الأوجاع والآلام التي تشعر بها عند حلول موعد الجرعة المخدرة. هنا أصبح الادمان مرض مزمن وليس مؤقت.
ويحتاج من المدمن أن يفكر كثيرًا في العلاج والتعافي في مصحة علاج الادمان أو المراكز المتخصصة في ذلك.
هل الادمان مرض مزمن أم انحراف أخلاقي؟
إذا قمنا بوصف الادمان سوف نقول بأنه مرض أخلاقي وانحراف يمكن معالجته قبل فوات الأوان. حيث أن أصدقاء السوء يوهمون الشباب والمراهقين بأن شرب مادة كحولية أو مادة مخدرة يمكنها أن تنقله إلى عالم آخر مليء بالنشوة والسعادة.
كما أن ادمان الاباحية ومشاهدة الأفلام المليئة بالمشاهد غير اللائقة يعتبر من ضمن علامات الادمان التي لابد من إيجاد علاج لها لأنها تستنزف الكثير من الوقت والمجهود ولن يتوقف الشخص عن ادمان تلك العادات السيئة إلا بتلقي العلاج.
الجدير بالذكر أن الجمعية الأمريكية تعرف الادمان بأنه مرض مزمن يمكنه أن يحدث الكثير من التغيرات في مركز المكافأة بالمخ وهو الجزء المسئول عن الشعور بالسعادة والمتعة والحب والشعور بالمشاعر الإيجابية.
ويشمل الادمان الكثير من السلوكيات وليس تعاطي المخدرات فقط مثل( التعود على أشخاص معينة وهذا يعتبر نوع من أنواع الادمان، ادمان الألعاب على الشبكة العنكبوتية، وادمان التسوق، الدخول لمواقع التواصل الاجتماعي، ادمان النت والمواقع الاباحية، ادمان الهاتف). وتظهر آثار ذلك على كافة أعضاء الجسم الرئيسية ويمكنها أن تؤدي لتلفها وتدميرها. كما تظهر آثارها الاجتماعية في ابتعاد الشخص عن الحياة وانغماسه في الحياة الافتراضية واعتقاده الدائم بأنه سعادته مرهونة بفعل ذلك الشيء.
الادمان سلوك قهري يصيب الإنسان بالاضطراب ويعتبره الأطباء بأنه مرض معقد يصيب الدماغ. ويتغاضى الإنسان أن اضرار وأثار ادمانه على الأشياء فهو لا يتمكن من الوقوف أو الرجوع لذلك فهو يعتبر مرض مزمن إذا لم يتم علاجه بالطرق المناسبة.
كيف يمكن للادمان أن يغير المخ؟
لتسنى لنا أن نتعرف هل الادمان مرض مزمن؟ أم مؤقت؟. ويعتبر شيء اختياري يجب أن نعرف كيف له أن يغير في المخ. المادة المخدرة يمكنها أن تسبب زيادة إفرازات الدماغ للمواد الطبيعية مثل (الأندروفين و السيروتونين). مع نشاط هرمون الدوبامين ليزيد احساس الشخص بالسعادة والشعور بالمتعة أثناء فعل ذلك الشيء الذي أدمنه ويرغب في فعله طوال الوقت.
وبمرور الوقت هذا الفعل يؤدي لزيادة تلك المواد وحدوث الكثير من التغيرات في نظام الدماغ. وأصبح هذا الشيء يرتبط بالمكافأة والتحفيز وتنشيط الذكرة والحصول على السعادة. وبالرغم من هذا دائمًا تحاول دماغ الإنسان إعادة التوازن للجسم عن طريق تقليل التفاعل مع أي مادة كيميائية أو فعل شيء تم ادمانه والقيام بإطلاق هرمون التوتر.
مما يدفع المدمن على زيادة كمية أكبر من المخدر للحصول على نفس القدر من السعادة والشعور بنفس الاحساس الذي شعر به لأول مرة، وهكذا يظل المدمن يعاني من رغبته المستمرة في فعل ذلك الشيء لإشباع رغبته وشهوته الشديدة نحو ما هو مدمن عليه لأنها قد سببت له الاعتماد النفسي والجسدي و تعطيل مراكز المخ المسئولة عن المكافأة والسعادة والتحفيز.
إذًا كيف لنا أن نجزم أن الادمان مرض مزمن أو مؤقت؟
لقد لخص الأطباء أن الادمان مرض مزمن وطويل الأمد ولا يمكن السيطرة عليه أو علاجه أو التخلص منه إلا بالخضوع للعلاج السليم. وإن كانت الاحصائيات التي تم رصدها تقول بأن نسبة 25% : 50% من حالات الادمان على المخدرات ظلت تعاني من اضطرابات تعاطي المخدر المزمن والحاد. وهذا يشير إلى أنهم بعد التعافي يقعون في فخ الانتكاسة. مما يتطلب من المحيطين بهم أخذهم لمراكز الرعاية وخضوعهم للعلاج المكثف ووضعهم تحت الملاحظة المكثفة كي لا يؤذون أنفسهم ولا يعودون لإدمانهم مرة أخرى.
وبالرغم من شدة الاضطرابات المزمنة التي يعاني منها المدمنين إلا أن العلاج طويل الأمد والمراقبة الشديدة وتوفير الدعم النفسي والتأهيل السلوكي يصل بهم إلى التعافي النهائي وضمان عدم الانتكاسة.
لماذا يعتقد الكثيرون بأن الادمان ليس مرضًا؟
الشائع لدى الناس بأن الادمان ليس مرض لأنه ينتج عن اختيار الشخص تعاطي المادة المخدرة أو عدم الرغبة في الاستغناء عن شيء ما. بالرغم من أنه يكون في البداية مجرد تجربة ويكون اختياري.
ويعتقد الكثير من مدمني التسوق على سبيل المثال بأنه سوف يستطيعون التغلب على سلوكهم وسوف يكفوا عن شراهة شراء أي شيء عن سواء كان تلزمهم أم لا. وللأسف هذا لا يحدث بسهولة ويلزم معها البحث عن علاج لتلك العادات المزمنة.
وهذا أيضًا يخص ادمان المخدرات التي تكون في البداية اختيار ويعتقد الشخص بأنه حاجة وقتية ومؤقتة. وسرعان ما سيتخلص منها بإرادته كما اختار تجربتها وهو في كامل قواه العقلية. ولكنها في النهاية تصبح مرض مزمن وليس مؤقت يصيب صاحبه نتيجة اختيار شخصي وتحدي للنفس.
لكن هل يمكن العودة بعد التعافي للادمان مرة أخرى؟
في الكثير من الأحيان قد يتعافى المدمن دون أن يحتاج للعلاج في مستشفى علاج ادمان إذا كان يعاني باضطراب بسيط بسبب ادمانه. ولكن المرضى الذين يعانون من الادمان المزمن يجب ان يخضعوا للعلاج المكثف والمتابعة المستمرة لفترة طويلة لمساعدته للخروج من محنته ويتعافى بشكل كامل.
وبالرغم من ذلك يمكن أن يحدث له انتكاسة بسبب اتصاله برفقاء السوء ومن كان يتعاطى معهم المخدر أو يشاهد معهم الأفلام الإباحية. بالإضافة الي الاستماع لأحاديثهم التي تثير شهوته وتضعفه ويعود المدمن لسابق عهده ليصبح الادمان مزمن ولا يمكن علاجه.
مبادي علاج الادمان
بعد أن وضحنا هل الادمان مرض مزمن ؟ أم مؤقت يمكننا أن نوضح لكم مبادي علاج أي شخص مدمن ويكون وفق الخطوات التالية:
- توقيع الكشف الطبي وعمل فحص شامل للمريض لقياس مدى تأثير المادة المخدرة على أعضاء جسمه.
- تحديد البرنامج العلاجي إذا كان المريض مدمن مخدرات للقيام بسحب السموم من الجسم ومواجهة اعراض الانسحاب.
- إعادة التأهيل النفسي والسلوكي بعد التعافي وهذا أيضًا يحدث مع مدمن السرقة والتسوق، وفيها يتم إعادة تأهيل الشخص نفسيًا وسلوكيًا تمهيدًا لعودته للحياة المجتمعية.